کد مطلب:90546 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:140

خطبة له علیه السلام (59)-و قد تواترت علیه الأخبار باستیلاء أ















و قدِم علیه عاملاه علی الیمن و هما عُبید الله بن العباس و سعید بن نُمران، لمّا غلب علیها بُسر بن أبی أرطاة.

فقام علیه السلام إلی المنبر ضَجِراً بِتَثاقل أَصحابه عن الجهاد و مخالفتهم له فی الرأی، فقال:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحیِمِ أَلْحَمْدُ للَّهِ الَّذی لا تُوَاری عَنْهُ سَمَاءٌ سَمَاءً، وَ لا أَرْضٌ أَرْضاً، وَ جَعَلَ لِكُلِّ شَیْ ءٍ قَدْراً،

وَ لِكُلِّ قَدْرٍ أَجَلاً، وَ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَاباً، وَ لِكُلِّ عَمَلٍ ثَوَاباً، وَ لِكُلِّ شَیْ ءٍ حِسَاباً[1].

وَ هُوَ الَّذی أَسْكَنَ الدُّنْیَا خَلْقَهُ، وَ بَعَثَ إِلَی الْجِنِّ وَ الإِنْسِ رُسُلَهُ، لِیَكْشِفُوا لَهُمْ عَنْ غِطَائِهَا،

وَ لِیُحَذِّرُوهُمْ مِنْ ضَرَّائِهَا، وَ لِیَضْرِبُوا لَهُمْ أَمْثَالَهَا، وَ لِیُبَصِّرُوهُمْ عُیُوبَهَا، وَ لِیَهْجُمُوا عَلَیْهِمْ بِمُعْتَبَرٍ مِنْ تَصَرُّفِ مَصَاحِّهَا وَ أَسْقَامِهَا، وَ حَلالِهَا وَ حَرَامِهَا، وَ مَا أَعَدَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالی لِلْمُطیعینَ مِنْهُمْ وَ الْعُصَاةِ، مِنْ جَنَّةٍ وَ نَارٍ، وَ كَرَامَةٍ وَ هَوَانٍ.

[ وَ ] هُوَ الَّذِی اشْتَدَّتْ نَقْمَتُهُ عَلی أَعْدَائِهِ فی سَعَةِ رَحْمَتِهِ، وَ اتَّسَعَتْ رَحْمَتُهُ لأَوْلِیَائِهِ فی شِدَّةِ نَقْمَتِهِ.

قَاهِرُ مَنْ عَازَّهُ، وَ مُدَمِّرُ مَنْ شَاقَّهُ، وَ مُذِلُّ مَنْ نَاوَاهُ، وَ غَالِبُ مَنْ عَادَاهُ.

مَنْ تَوَكَّلَ عَلَیْهِ كَفَاهُ، وَ مَنْ سَأَلَهُ أَعْطَاهُ، وَ مَنْ أَقْرَضَهُ قَضَاهُ، وَ مَنْ شَكَرَهُ جَزَاهُ.

لا یَشْغَلُهُ شَأْنٌ، وَ لا یُغَیِّرُهُ زَمَانٌ، وَ لا یَحْویهِ مَكَانٌ، وَ لا یَصِفُهُ لِسَانٌ، وَ لاَ یَعْزُبُ عَنْهُ عَدَدُ قَطْرِ الْمَاءِ، وَ لاَ نُجُومُ السَّمَاءِ، وَ لاَ سَوَافِی الرّیحِ فِی الْهَوَاءِ، وَ لاَ دَبیبُ النَّمْلِ عَلَی الصَّفَا، وَ لا مَقیلُ الذَّرِّ فِی اللَّیْلَةِ الظَّلْمَاءِ.

یَعْلَمُ مَسَاقِطَ الأَوْرَاقِ، وَ خَفِیَّ طَرْفِ الأَحْدَاقِ.

[ وَ الصَّلاَةُ وَ السَّلامُ عَلی مُحَمَّدٍ عَبْدِهِ وَ رَسُولِهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ].

[صفحه 485]

أَیُّهَا النَّاسُ، إِنِّی اسْتَنْفَرْتُكُمْ لِجِهَادِ هؤُلاءِ الْقَوْمِ فَلَمْ تَنْفِرُوا، وَ أَسْمَعْتُكُمْ فَلَمْ تُجیبُوا، وَ نَصَحْتُ لَكُمْ فَلَمْ تَقْبَلُوا[2].

ثم ضرب علیه السلام بإصبعیه علی راحته فقال:

مَا هِیَ إِلاَّ الْكُوفَةُ أَقْبِضُهَا وَ أَبْسُطُهَا.

إِنْ لَمْ تَكُونی إِلاَّ أَنْتِ تَهُبُّ أَعَاصیرُكِ، فَقَبَّحَكِ اللَّهُ.

و تمثّل [ بقول الشاعر: ]


لَعَمْرُ أَبیكَ الْخَیْرِ یَا عَمْرُو إِنَّنی
عَلی وَ ضَرٍ مِنْ ذَا الإِنَاءِ[3] قَلیلٌ


أَیُّهَا النَّاسُ[4]، أُنْبِئْتُ بُسْراً عَدُوَ اللَّهِ[5] قَدِ اطَّلَعَ[6] الْیَمَنَ مِنْ قِبَلِ مُعَاوِیَةَ.

وَ قَدْ سَلَكَ طَریقَ الْحِجَازِ فی جَمْعٍ عَظیمٍ مِنْ أَهْلِ الظُّلْمِ وَ الْعُدْوَانِ، وَ هذَا عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ،

وَ سَعیدُ بْنُ نِمرَانَ، قَدِمَا عَلَیَّ هَارِبَیْنِ[7].

وَ إِنّی، وَ اللَّهِ، لأَظُنُّ[8] أَنَّ هؤُلاءِ الْقَوْمَ سَیُدَالُونَ مِنْكُمْ، وَ مَا ذَلِكَ بِحَقٍّ فی أَیْدیهِمْ، وَ لكِنْ[9] بِاجْتِمَاعِهِمْ عَلی بَاطِلِهِمْ وَ تَفَرُّقِكُمْ عَنْ حَقِّكُمْ، وَ بِمَعْصِیَتِكُمْ إِمَامَكُمْ فِی الْحَقِّ وَ طَاعَتِهِمْ إِمَامَهُمْ فِی الْبَاطِلِ، وَ بِأَدَائِهِمُ الأَمَانَةَ إِلی صَاحِبِهِمْ وَ خِیَانَتِكُمْ إِیَّایَ، وَ بِتَنَاصُرِهِمْ وَ تَخَاذُلِكُمْ[10]، وَ بِصَلاحِهِمْ فی بِلادِهِمْ[11] وَ إِفَسَادِكُمْ[12] فی أَرْضِكُمْ. حَتَّی یَمْلِكُوا الزَّمَانَ الطَّویلَ فَیَسْتَحِلُّوا الدَّمَ الْحَرَامَ، وَ الْفَرْجَ الْحَرَامَ، وَ الْخَمْرَ الْحَرَامَ، وَ الْمَالَ الْحَرَامَ، فَلا یَبْقی بَیْتٌ مِنْ بُیُوتِ الْمُسْلِمینَ إِلاَّ دَخَلَتْ عَلَیْهِ مَظْلِمَتُهُمْ.

[صفحه 486]

لَقَدِ اسْتَعْمَلْتُ مِنْكُمْ رِجَالاً فَخَانُوا وَ غَدَرُوا.

إِنِّی وَلَّیْتُ فُلاناً فَغَلَّ وَ غَدَرَ وَ احْتَمَلَ الْمَالَ إِلی مُعَاوِیَةَ.

وَ اسْتَعْمَلْتُ فُلاناً فَخَانَ فَجَمَعَ فَیْ ءَ الْمُسْلِمینَ وَ حَمَلَهُ إِلی مَنْزِلِهِ تَهَاوُناً بِالْقُرْآنِ وَ جُرْأَةً عَلَی الرَّحْمنِ[13].

فَصِرْتُ[14] لَوِ ائْتَمَنْتُ أَحَدَكُمْ عَلی قُعْبٍ[15] لَخَشیتُ أَنْ یَذْهَبَ بِعِلاقَتِهِ.

وَ اللَّهِ، یَا أَهْلَ الْكُوفَةِ، لَوَدِدْتُ أَنّی صَرَفْتُكُمْ صَرْفَ الدَّنَانیرِ الْعَشَرَةِ بِوَاحِدٍ[16].

أَمَا، وَ اللَّهِ، لَوَدِدْتُ أَنَّ لی[17] بِكُمْ وَ أَنْتُمْ مِائَةَ أَلْفِ[18] أَلْفَ فَارِسٍ مِنْ بَنی فِرَاسِ بْنِ غَنْمٍ [ و تمثل بقول الشاعر: ]


أَلاَ یَا أُمَّ زِبْنَاعٍ أَقیمی
صُدُورَ الْعیسِ نَحْوَ بَنی تَمیمِ


هُنَالِكَ لَوْ دَعَوْتِ أَتَاكَ مِنْهُمْ
فَوَارِسُ[19] مِثْلُ أَرْمِیَةِ الْحَمیمِ


ثم وضع علیه السلام المصحف علی رأسه و رفع یدیه فقال:

اَللَّهُمَّ إِنّی سَأَلْتُهُمْ مَا فیهِ فَمَنَعُونی ذَلِكَ، فَاعْطِنی مَا فیهِ[20].

اَللَّهُمَّ إِنّی قَدْ مَلِلْتُهُمْ وَ مَلُّونی، وَ سَئِمْتُهُمْ وَ سَئِمُونی، وَ كَرِهْتُهُمْ وَ كَرِهُونی، وَ أَبْغَضْتُهُمْ وَ أَبْغَضُونی، وَ حَمَلُونی عَلی غَیْرِ خُلُقی وَ طَبیعَتی. اَللَّهُمَّ فَأَرِحْنی مِنْهُمْ وَ أَرِحْهُمْ مِنّی، وَ[21] أَبْدِلْنی بِهِمْ

[صفحه 487]

خَیْراً لی مِنْهُمْ، وَ أَبْدِلْهُمْ بی شَرّاً لَهُمْ مِنّی.

اَللَّهُمَّ إِنّی سَئِمْتُ الْحَیَاةَ بَیْنَ ظَهْرَانِیِّ هؤُلاَءِ الْقَوْمِ وَ تَبَرَّمْتُ الأَمَلَ، فَأَتِحْ لی صَاحِبی.

اَللَّهُمَّ إِنِّی ائْتَمَنْتُهُمْ فَخَانُونی، وَ نَصَحْتُهُمْ فَغَشُّونی، اَللَّهُمَّ فَسَلِّطْ عَلَیْهِمُ الْغُلامَ الثَّقَفِیَّ الذَّیَّالَ الْمَیَّالَ، یَأْكُلُ خَضْرَتَهَا، وَ یَلْبَسُ فَرْوَتَهَا، وَ یَحْكُمُ فِی دِمَائِهِمْ وَ أَمْوَالِهِمْ بِحُكْمِ الْجَاهِلِیَّةِ، لا یَقْبَلُ مِنْ مُحْسِنِهَا، وَ لا یَتَجَاوَزُ عَنْ مُسیئِهَا، یَشْتَدُّ مِنْهُ الْفَرَقُ، وَ یَكْثُرُ مِنْهُ الأَرَقُ[22].

اَللَّهُمَّ لا تُرْضِ عَنْهُمْ أَمیراً وَ لا تُرْضِهِمْ عَنْ أَمیرٍ، وَ[23] مِثْ قُلُوبَهُمْ كَمَا یُمَاثُ الْمِلْحُ فِی الْمَاءِ.

ثم نزل علیه السلام عن المنبر.


صفحه 485، 486، 487.








    1. ورد فی غرر الحكم للآمدی ج 1 ص 373.
    2. ورد فی الإرشاد للمفید ص 148.
    3. الآلاء. ورد فی.
    4. ورد فی الغارات للثقفی ص 437. و نهج السعادة للمحمودی ج 2 ص 605.
    5. ورد فی كتاب الفتوح لابن أعثم ج 4 ص 236.
    6. غلب علی. ورد فی مروج الذهب للمسعودی ج 3 ص 149.
    7. ورد فی الغارات ص 437. و الفتوح ج 4 ص 236. و كنز العمال ج 13 ص 197. و نهج السعادة ج 2 ص 596 و 605. و مصادر نهج البلاغة ج 1 ص 382. باختلاف بین المصادر.
    8. لأحسب. ورد فی تاریخ دمشق ( ترجمة الإمام علی بن أبی طالب ) ج 3 ص 322. و البدایة و النهایة ج 7 ص 338.
    9. ورد فی مروج الذهب ج 3 ص 149. و نثر الدرّ ج 1 ص 296. و تاریخ دمشق ( ترجمة الإمام علی ) ج 3 ص 323. و مصادر نهج البلاغة ج 1 ص 383. باختلاف یسیر.
    10. ورد فی الغارات للثقفی ص 437. و مروج الذهب للمسعودی ج 3 ص 149. باختلاف بین المصادر.
    11. بإصلاحهم بلادهم. ورد فی
    12. فسادكم. ورد فی نسخة نصیری ص 11. و نسخة الآملی ص 23. و نسخة عبده ص 119. و نسخة الصالح ص 67.
    13. ورد فی الغارات ص 437. و مروج الذهب ج 3 ص 149. و الإمامة و السیاسة ج 1 ص 174. و الإرشاد ص 148. و كنز العمال ج 13 ص 197. و منهاج البراعة ج 7 ص 137. و نهج السعادة ج 2 ص 596 و 605 و 640. و مصادر نهج البلاغة ج 1 ص 382.

      باختلاف بین المصادر.

    14. ورد فی الغارات للثقفی ص 437. و نهج السعادة للمحمودی ج 2 ص 606.
    15. قدح. ورد فی الغارات ص 437. و الفتوح ج 4 ص 237. و تاریخ دمشق ( ترجمة الإمام علی ) ج 3 ص 323. و البدایة و النهایة ج 7 ص 338. و كنز العمال ج 13 ص 197. و نهج السعادة ج 2 ص 596.
    16. ورد فی مروج الذهب للمسعودی ج 3 ص 149.
    17. بجمیعكم. ورد فی العقد الفرید لابن عبد ربه ج 1 ص 105.
    18. ورد فی المصدر السابق.
    19. رجال. ورد فی نسخة العام 400 الموجودة فی المكتبة الظاهریة ص 33. و نسخة ابن المؤدب ص 21.
    20. ورد فی الغارات ص 317. و أنساب الأشراف ج 2 ص 383. و تاریخ دمشق ( ترجمة الإمام علی بن أبی طالب ) ج 3 ص 322 و 323. و البحار ( مجلد قدیم ) ج 8 ص 634. و نهج السعادة ج 2 ص 533 و 634. باختلاف یسیر.
    21. ورد فی الغارات ص 317. و الفتوح ج 4 ص 237. و أنساب الأشراف ج 2 ص 384 و 488. و الكامل ج 3 ص 254. و شرح الأخبار ج 2 ص 430 و 450. و مناقب آل أبی طالب ج 2 ص 315. و تاریخ دمشق ( ترجمة الإمام علی ابن أبی طالب ) ج 3 ص 322. و تذكرة الخواص ص 160. و البدایة و النهایة ج 7 ص 338. و البحار ( مجلد قدیم ) ج 8 ص 634. و كنز العمال ج 13 ص 191. و نهج السعادة ج 2 ص 533 و 596 و 634. باختلاف بین المصادر.
    22. ورد فی الغارات ص 317. و مروج الذهب ج 3 ص 150. و الكامل ج 3 ص 254 و ج 4 ص 285. و الإرشاد ص 148. و دعائم الإسلام ج 1 ص 391. و كنز العمال ج 11 ص 362 و ج 13 ص 194. و نهج السعادة ج 2 ص 641 و 642. باختلاف.
    23. ورد فی منهاج البراعة للخوئی ج 4 ص 25. و نهج السعادة ج 2 ص 574.